يدل دلالة قطعية على أنه بأمر من في يده أمر ﴿كُنْ﴾ الذي هو مالك كل شيء، وكل شيء منقاد له وبإذنه وقوته.
المبحث الثاني: هو إشارة إلى وظائف حركات الذرات وحكمها. إن الحكمة السخيفة حكمة الماديين الذين لا يؤمنون بغير المحسوس وفلسفتهم التي تعتمد على الصدف والعبث جعلت تنقل الذرات التي تتبع آثار الحكمة التي ليست لها أية آصرة مع الصدف أساساً لدساتيرها ومصدراً لهذا الكون. وكل من له أدنى شعور يعلم أن إسناد هذا الكون المزين بالحكمة وإحالته إلى الصدف والعبث حماقة كبيرة. ولتنقل الذرات مقاصد جمة وحكم ووظائف وفيرة في نظر الحكمة القرآنية. وكثير من الآيات مثل ﴿وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ تشير إليها... وإليك بعضاً منها.
الأولى؛ إن الحق سبحانه وتعالى جعل الروح (نموذجاً) يمنح لها من معجزات قدرته كل سنة لباساً جديداً من الجسد، ويستنسخ بحكمته من كتاب واحد مآت الكتب ويظهر حقيقة واحدة في صور مختلفة ويمهد السبيل أمام طوائف الكون وشعوبه التي تقدم متعاقبة ومتتالية حتى يجدد خلقته ويعرضها من حين إلى آخر.
الثانية؛ إن مالك الملك جل وعلا جعل هذه الدنيا لا سيما وجه البسيطة مزرعة له تعالى أي إنه خلقها بحيث يمكن لها أن تؤتي من حين إلى آخر أكلاً وثماراً جديدة حتى يزرع معجزات قدرتها فيها ويحصدها. فهو تعالى يحرك الذرات بنظام معين ويأمرها بأن تفعل ما يقع على عاتقها من العمل في هذه الأرض، فيبرز من معجزات قدرته طوائف جديدة من الكون، ويمنح دار الدنيا المحصولات المتنوعة في كل عصر وفي