Kitaplar
رائد الشباب

 وظيفتها بهذا الطرز تترك ربوبيتها الموهومة ومالكيتها الفرضية التي هي واحد قياسي، وتقول: له الملك وله الحكم وإليه ترجعون. فتلبس ثوب عبوديتها وتصعد إلى رتبة الكمال والجمال.

وإذا نسيت (أنا) حكمة الخلقة وتركت وظيفتها الفطرية ونظرت إلى نفسها بالمعنى الأسمى واعتقدت أنها مالكة، فحينئذ تخون الأمانة، وتدخل تحت قول الله تعالى: ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ (الشمس: 10) فجميع أنواع الشرك والشرور والضلالات تتولد من (أنا) من هذه الجهة التي خافت السموات والأرض والجبال منها، وفزعت من شركها الموهوم.

نعم، (أنا) ألف دقيقة وخيط رقيق وخط موهوم. إلا أنه إذا لم تعلم ماهيتها تنمو وتزيد من وراء الستار، وبمرور الزمان تستغلظ فتنتشر في جميع أنحاء الجسم، فتصير داهية عظيمة تبلع الإنسان، ويصير الإنسان بجميع لطائفه كأنه عبارة عن (أنا)، وبعد ذلك تمدها أنانية النوع وأنانية القومية فتستند إليهما، وتقوى وتعود شيطاناً تبارز صانعها. ثم تقيس الناس وكل شيء على نفسها، فتقسم ملك الله تعالى عليها، وتقع في شرك عظيم، ويتجلى فيها معنى قوله تعالى: ﴿اِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (اللقمان: 13).

نعم، كما أنه لابد لمن يأخذ خلسة مقدار أربعين فلساً من مال الدولة أن يعطى فلساً لكل من الذين حضروا هذه الوقعة حتى يسيغها؛ فكذلك من يقول: أنا مالك نفسي. لابد من أن يعتقد ويقول: كل شيء مالك لنفسه. فـ(أنا) التي هي في هذه الحالة وإن عرفت ألوف الفنون فهي في جهالة لا تشبهها أية جهالة. وذلك أن ما تتلقفه الحواس والأذهان من معارف الكون حينما لم يجد في النفس ما يصدقه ويسلط عليه أضوائه

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110
Fihrist
Lügat