Kitaplar
رائد الشباب

 تأتي إليه طائعة منقادة بحيث لا يمكن أن ينال بقدرته الذاتية عشر معشار ما ناله بذلك، إلا إن الإنسان يحصل على مطالبه في بعض الأحيان بسبب الدعاء الذي أتى به بلسان حاله، فيظن أنه قد حصل عليه بقدرته الذاتية. وعلى سبيل المثال: إن القوة الكامنة في ضعف فرخ الدجاجة تجعل أمه بحيث تحمل على الأسد دفاعاً عنه، والقوة الكامنة في ضعف شبل الأسد تسخر أمه المفترسة فيأكل هو ما تصيده أمه ويتركها جائعة. ولا شك أن قوة الضعف غربية تتجلى فيها الرحمة الإلهية.

وكما إن الولد المحبوب يحصل على مطالبه إما ببكائه أو بطلبه وحاله البائس، وينقاد له الأقوياء بحيث لا يمكن أن يحصل على واحد من الألف منها بقوته النحيفة الضئيلة. تنقاد له بإشارة أصبعه الصغيرة الأبطال الأقوياء لإيثار الضعف والعجز الشفقة والحمية في حقه. فإذا ما أنكر طفل كذلك هذه الرحمة والحمية، وقال بحماقة وغرور: (أنا أسخر أولئك الأقوياء بقوتي) فلا شك أنه يستحق صفعة على وجهه؛ فكذلك إذا أنكر الإنسان رحمة الخالق واتهم حكمته، وقال كما قال قارون جاحداً نعمته: ﴿اِنَّمَا اُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ (اتقصص: 78)  -أي حصلت على هذا بجدي وقوتي- فلا شك أنه يعرض نفسه للعذاب.. وتلخص من هذا أنه إنما منح للإنسان هذه السلطنة والترقي والنبوغ لضعفه ومدت له يد المعاونة لعجزه وأحسن إليه لفقره والهم لجهله وليس ذلك نتيجة تفوقه وقوة جداله، وأن سبب تلك السلطنة ليس قوته وقدرته العلمية، وإنما هو الشفقة والرأفة الربانية والرحمة والحكمة الإلهية التي سخرت له الأشياء.

نعم، إن الذي يلبس هذا الإنسان المغلوب لأمثال العقرب التي ليس لها عين ترى، والحية التي ليس لها رِجل تمشي، الحرير من دودة صغيرة

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110
Fihrist
Lügat