Kitaplar
رائد الشباب

 الثاني حذا حذوه بسخاقة عقله من غير نظر إلى ما في البطاقة فاشترى من بزاز لباساً من أدنى الأجواخ بألف دينار، وأتى به إلى سيده فلاقى بذلك أنواعاً من التعنيف والعذاب. فكل من له أدنى إلمام يعلم جيداً بأنه إنما سلم ذلك المبلغ إلى هذا الخادم لا ليأخذ به لباساً وحده بل ليتجر به تجارة هامة.

فكذلك هذه الأجهزة المعنوية واللطائف الإنسانية أقوى وأتم من أجهزة الحيوان ولطائفه بمائة درجة. مثلاً أين عين الإنسان التي تدرك جميع مراتب الحسن، وقوته الذائقة التي تميز بين مختلف أذواق المطعومات بلذتها الخاصة وعقله الذي ينفذ إلى قرارة الحقائق وقلبه المشتاق إلى جميع أنواع الكمالات من أجهزة الحيوان البسيطة فبينهما بون شاسع، إلا أن الحيوان بما أنه متجه إلى عمل معين تزداد قوة جهازه الذي يعمل به فيه، وينمو استعداده فيه، ولكنه نمو محدود.

والسر في وفور الأجهزة التي منحت للإنسان هو أنه ازدادت حواس الإنسان ولطائفه قوة ونماء بما يملكه من العقل والفكر، وتعددت أحاسيسه ومشاعره بكثرة احتياجاته وصارت فطرته الجامعة محوراً لميوله وآرائه المتطلعة إلى مقاصد جمة. وازدادت آلاته وأجهزته قوة ونماء بسائق وظائفه الفطرية الكثيرة، ومنح له استعداد جامع لبذور الكمالات بسبب فطرته التي فطر عليها من النمط البديع المهيأ لشتى أنواع العبادات، لذلك لا يمكن أن تمنح له هذه الأجهزة الوفيرة وهذا الرأسمال الضخم لتحصيل هذه الحياة الدنيا المؤقتة التي ليس لها أي شأن في ميزان الاعتبار، بل الغاية القصوى لهذا الإنسان هو أن يفي بوظائفه المتطلعة إلى مقاصد لا نهاية لها، ويعلن عجزه وفقره وتفريطه أمام الله تعالى بعبوديته، ويرى بنظره

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110
Fihrist
Lügat