Kitaplar
رائد الشباب

 وأريد أن أفسر هذه الواقعة الخيالية، ونرجو من الله أن يجعلها خيراً. فتلك المدينة هي الحياة الاجتماعية البشرية ومدينة المدنية الإنسانية، وكل من تلك الأبنية هو إنسان، وسكانها هي جوارح الإنسان من العين والأذن والقلب والسر والروح والعقل والنفس والهوى والقوة الشهوية والقوة الغضبية، حيث إنه قد منح لكل من هذه الجوارح واللطائف وظائف عبادة معينة، ولكل منها لذائذ وآلام متنوعة. والنفس والهوى والقوة الشهوية والقوة الغضبية بمثابة الحاجب والكلب. فجعل تلك اللطائف والجوارح تحت إمرة النفس والهوى وجر ذيل النسيان عليها ليس بترق بل هو سقوط وانحطاط. وقس أنت سائر الجهات عليها.

النكتة الثالثة: إن الإنسان حيوان ضعيف ومخلوق عاجز من جهة أفعاله وأعماله وسعيه المادي، دائرة تصرفه من هذه الناحية دائرة ضيقة بحيث لو مد يده إلى خطوطها لوصلت إليها، حتى إن الحيوانات الأهلية التي سلمت زمام قيادتها للإنسان قد تسرب إليها العجز والضعف والكسالة. فإذا قيس مثلاً الغنم والبقر الأهلي بالغنم والبقر الوحشي ترى بينها فرقاً شاسعاً.

إلا إن هذا الإنسان من جهة الانفعال والقبول والدعاء والسؤال ضيف قيم في دار هذه الدنيا، نزل على كريم، فتح له أبواب خزائنه وسخر له ما لا يعد من بديع مصنوعاته وخدمه، وهيأ لتنـزهه ومنافعه دائرة عظيمة نصف قطرها مقدار مد البصر أو امتداد الخيال.

فإذا اتكل الإنسان على نفسه ونسى أنه ضيف وجعل الدنيا غاية آماله وكان كل سعيه وراء معيشته ولذائذه الموقوتة غرق في دائرة ضيقة وذهب أدراج الرياح. وتشهد عليه في المحشر جميع أجهزته ولطائفه

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110
Fihrist
Lügat