لا تصل يده إلى ما يتمناه إما أنه سيبكي أو يطلب مأموله ذاك، أي يدعو بلسان عجزه إما قولاً أو فعلاً فيوفق لمقصوده ذاك؛ كذلك أن الإنسان في عالم ذوي الحياة بمنـزلة صبي نحيف لطيف. فلا بد له إما أن يبكي بعجزه وضعفه أو يدعو بفقره واحتياجه حتى يسخر له مقصده وأن يشكره على ما سخر له من مقاصده.. وإلا فإذا قال -كالصبي الأحمق الشرير الذي يصرخ من تلاحق الذباب له-: أنا أسخر هذه الأشياء التي لا يمكن له تسخيرها، والتي هي أقوى منه ألف مرة وأديرها بأفكاري وتصوري. وصار يكفر بنعم الله تعالى. فحاله هذه كما تنافى فطرة الإنسان الأساسية كذلك تسبب لأن يكون مستحقاً لعذاب أليم.
النقطة الخامسة: كما أن الإيمان يقتضي أن يكون الدعاء واسطة بين المؤمن وربه وتطلبه الفطرة الإنسانية أشد الطلب؛ كذلك أن الحق جل وعلا يقول في كتابه الكريم: ﴿قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ﴾ (فرقان: 77) ويقول في آية أخرى: ﴿اُدْعُونِي اَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ (المؤمن: 60)
ولعلك تقول: إن الآية عامة تصرح بأن كل دعاء مستجاب، وكثيراً مّا ندعو فلا يستجاب لنا؟
فنقول: إن الاستجابة شيء وقبول الدعاء شيء آخر، لأن كل دعاء مستجاب إلا أن قبوله ومنحه عين المطلوب إنما هو منوط بالحكمة والمصلحة.
ولنضرب لهذا مثلاً: فلنفرض بأن صبياً أصابه مرض يقول للطبيب: انظر إلي.
فيقول الطبيب: لبيك! قل.... ما تريد؟