Kitaplar
رائد الشباب

 جميع أنحاء المعمورة. وصار يرى كل شيء على حقيقته، فنظرت إلى ما كنت أظنه قنطرة فإذا هي جادة في أرض سوية في غاية الحسن والانتظام، ونظرت إلى ما رأيته نحو اليمين من المقبرة العظيمة فرأيتها جنات وبساتين ومجالس ذكر وعبادة تحت قيادة رجال تنوروا بنور الإيمان والإسلام، ونظرت إلى ما كنت رأيته نحو الشمال من الأمواج ذوات الأعاصير الشديدة والتقلبات والجرف المنهارة فإذا هي مناظر جميلة ومصايف فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين. وأما ما كنت ظننته أمامي من الدواهي والوحوش الكاسرة فرأيتها دواب مؤنسة كالإبل والبقر والضأن والمعز، فقلت: الحمد لله على نور الإيمان، وقرأت آية: ﴿اَللهُ وَلِيُّّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ﴾ (البقرة: 257) وافقت من هذه الواقعة الخيالية.

ومعنى هذه الواقعة هو أن الجبلين هما مبدأ الحياة ومنتهاها أي عالم الدنيا وعالم البرزخ، وتلك القنطرة هي طريق الحياة واليمين هو الزمن الماضي والشمال هو الاستقبال، وتلك الكهرباء اليدوية هو الأنانية التي تعجب بنفسها وتتكل على علمها ولا تلقي بالاً إلى العلوم السماوية، وتلك الحيوانات المفترسة هي الحادثات والمصائب وعجائب الكون.

فالذي يتكل على كيانه ويقع في ظلمات الغفلة والضلالة يشبه حالي الأول في هذه الواقعة حيث إنه يرى بعلمه الجزئي الضئيل الذي هو أشبه بالكهرباء اليدوية، الزمن الماضي مقبرة كبيرة، وظلمات عدم، ويرى الاستقبال موحشاً تلعب به الأعاصير والصدف، ويتخيل بأن الحادثات الكونية التي تعمل بأمر الحكيم الرحيم كأنها حيوانات مضرة فتنطبق عليه آية

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110
Fihrist
Lügat