وكذا أراني الإيمان بأسراره أن تراب عظامي وتراب بداية خلقتي ليسا ترابين حقيرين رذيلين يداسان هكذا تحت الأقدام، بل أنهما بابا الرحمة وستارا صالة الجنة.

وكذا أراني الإيمان بفضل أسرار القرآن أن تلك الدنيا المتدحرجة المنهارة في ظلمات العدم -بنظر الغفلة- ليست متدحرجة كذلك في غياهب العدم كما ظُن في بادئ الأمر، بل أنها مكتوبات صمدانية ونقوش أسماء سبحانية تمت مهماتها وأفادت معانيها واخلفت عنها نتائجها في الوجود، فأعلمني الإيمان علم اليقين ما هي ماهية الدنيا وما قيمتها؟

وكذا أراني الإيمان بنور القرآن أن ذلك القبر الذي فتح عينيه ناظراً إلي ليس فم البئر، بل أنه باب لعالم النور، وأن ذلك الطريق ليس طريقاً ممتداً ومنتهياً للظلمات والعدم، بل أنه سبيل سوي إلى عالم النور والوجود وإلى السعادة الأدية، ومن هنا قد بدت لي هذه الحال في شكل يقنعني قناعة تامة قطعية فقد أصبحت لدائي دواءاً ومرهماً.

وكذا أن الإيمان يمنح لذلك الاختيار الجزئي –بدلاً عن كسر جزئي- وثيقة يستند بها إلى قدرة لا متناهية. وينتسب بها إلى رحمة غير محدودة ضد تلك الأعداء غير المعدودة والظلمات المتوافرة العديدة، بل أن الإيمان نفسه يكون وثيقة بيد الاختيار الجزئي. وذلك الاختيار الجزئي الذي هو السلاح الإنسانى، وإن كان في حد ذاته ناقصاً عاجزاً قاصراً؛ إلا أنه كالجندي إذا استعمل قوته الجزئية باسم الدولة يتيسر له أعمال تنوف على قوته الشخصية بألوف المراتب؛ كذلك أن ذلك الاختيار الجزئي إذا