Kitaplar
رائد الشباب

 ثم نظرت إلى زماني الحاضر مستوحشاً عن اليمين واليسار، فبدا ذلك اليوم لنظرتي التاريخية الغافلة على شكل نعش لجنازة جسمى المضطرب بين الموت والحياة.

ثم لما يئست من هذه الجهة أيضاً رفعت رأسي ونظرت إلى أوج شجرة عمري، فرأيت على تلك الشجرة ثمرة واحدة تنظر إلي وهي جنازتي، فأنحنيت برأسي إلى السفل، ونظرت إلى جزثومة شجرة العمر ولما توحشت من تلك الجهة أيضاً، رأيت أن ما هناك من التراب هو رميم عظامي وتراب خلقتي قد اختلطا ببعضهما وامتزجا، وهما يداسان تحت الأقدام، فأضافا إلى دائي داءاً دون أن يمنحاني أي دواء.

ثم نظرت إلي ورائي، فرأيت أن الدنيا الفانية التي ليس لها أي قرار تتدحرج في ظلمات العدم، وتنحدر في أوديتها، فأضافت إلى ما بي من الداء سماً بينما كنت أبحث عن المرهم، وبعد ما لم أر فيها أي أمل أو خير مددت بنظري إلى الأمام، فرأيت القبر في وسط السبيل قد فتح فاه ينظر إلي وينتظرني، وأن ما ورائه من الصراط الممتد إلى الأبد، ومن يسلكون فيه من الركب والقوافل يتعرضون للنظر من بعيد. وليس لي من نقطة استناد أو سلاح يدفع عني دهشة تلك الجهات الست سوى اختياري الجزئي، مع أن ذلك الاختياري الجزئي الذي هو السلاح الوحيد ونقطة الاستناد للمرء ضد تلك الأعداء غير المحدودين والمضرات غير المحصورة ليس بيده شيء غير الكسب، لما أنه ناقص وقاصر وعاجز لا يقتدر على إيجاد شيء ما، لا يستطيع أن يمتد إلى الماضي حتى يزيل عني الأحزان الآتية منه ويسكنها، ولا يمكن أن ينطلق إلى الاستقبال حتى يمنع عني الأهوال المندفعة عنه.

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110
Fihrist
Lügat