Kitaplar
رائد الشباب

 وإياك أن تقول سأعيش حياتي كالحيوانات؛ لأن الماضي والمستقيل أمر غيبيّ لا معنى له بالنسبه للحيوان. فإن الخالق الرحيم سبحانه وتعال قد أنقذها من آلام لأحد لها بعدم إعلامها واطلاعها على الغيب. حتى إن الدجاج الممثَلَ للذبح لا يستشعر أي ألم أو حزن. وقد يحسّ بالألم عند إمرار السكين على عنقه فقط، ولكن ذلك الحس سرعان ما يزول ويتخلص من ذلك الألم.

وإذاً فإن عدم إعلام الله سبحانه وتعال المغيبات رأفة وشفقة ورحمة في منتهى العظمة والكمال ولا سيّما هذا الأمر يكون أتم وأكمل بالنسبة للحيوانات المعصومة. وإذاً فإنك في تذوق اللذة السفيهة لن تستطيع الإدراك إلى درجة الحيوان، بل تهبط إلى أسفل منه آلاف الدرجات. وذلك لأن الأمور التي تعتبر من المغيبات بالنسبة للحيوان تستطيع إدراكها بعقلك والإحساس بألمها. وأنت محروم كلياً من الراحة التامة المخفية تحت ستار الغيب.

ثم لما كان ما هو مدار فخرك واعتزازك من الأخوة والاحترام والحمية من الخصال الحميدة تنحصر في رقعة محدودة وزمن قصير جداً، كمساحة إصبع في صحراء مترامية الأطراف، أو الساعة الحاضرة بالنسبة للزمن الممتد عبر الآباد، فهي مصطنعة وموقتة ومزيفة ومختلقة وجزئية جدّاً، تتصاغر معها إنسانيتك وكمالاتك البشرية بنفس الدرجة وتهبط إلى لا شيء. أما أخوة واحترام ومحبة وحمية المؤمنين، فلكون وجودها يحيط بالماضي والمستقبل بفضل الإيمان، فإن إنسانيتهم وكمالاتهم البشرية تتعلى بنفس الدرجة أيضاً.

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110
Fihrist
Lügat