الارتداد مشعل نار تلك الفتنة ومعلمها فقلت له وللملاحدة الذين يتلقون منه الدرس:
اعلم أيها الشقي الذي يفتدى بدينه في سبيل التمتع بحور جهنم ويرتكب المعاصي والسفه عن حب، ويقبل الإلحاد والمروق عن الدين في سبيل الرغبات واللذائذ النفسية، ويعبد الحياة ويخاف من الموت خوفاً شدشداً ولا يريد أن يذكر الموت بأي حال ويولى وجهه شطر الارتداد والمروق عن جادة الصواب، ألا فلتعلم بأن هذه الدنيا العظيمة وكل ما مضى قبل هذه الساعة وما سيأتي بعد هذه الدقيقة. الكائنات بسائر أنواعها.. ماضيك ومستقبلك.. وما مضى من أبناء جنسك وما سيأتي من المخلوقات والأجيال.. وجميع العوالم والأقوام السابقة والأناسي والطوائف اللاحقة: كل هذه في حكم الأموات والمعدومين في نظرك. وهكذا فلكونك مرتبطاً بتلك العوالم السيارة والكائنات السيالة بحكم إنسانيتك وعقلك فإنما تمطر على رأسك باستمرار الآلام الشديدة لذلك الموت المدهش بسبب ضلالك، تلتهم نيران قلبك لو كان لك شعور.. تحرق روحك لو كان لك روح .. وعقلك غارق في بحر من الهموم لو لم تنطفىء جذوته . فإذا كانت سويعة من نشوة السفه و حمأة اللذة تضاهي جميع هذه الهموم والألام والأحزان اللانهائية فدم على سفهك ذاك. وإلاّ فعليلك بتحكيم عقلك والاستماع إلى صوته. وأذا كنت تريد النجاة من ذلك الجحيم المعنوي والفوز بجنة معنوية في هذه الدنيا نفسها كما ضمنه لك الإيمان وبشربه، وتذوّق حلاوة السعادة في حياتك الدنيا فاستمع إلى درس القرآن، واستبدل دقيقة فانية جزئية من اللذة الزائلة بلذات إيمانية كلية باقية دائمة.