النقطة الثالثة
من ألوف الحكم المتعلقة بتنقل الذرات وجولانها في أجسام ذوي الحياة أن تكسب الذرات لطافة وحياة حتى تكون موافقة لبناء عالم البقاء فإن الكائن الحي حتى الكائن النباتي كأنه ثكنة أو مدرسة للقادمين من الذرات يتلقون العلوم والفنون ويتنورون وبعدما أدت وظيفتها الموكولة إليها تكون جديرة بأن تكون جزءاً من عالم البقاء الذي هو حي بجميع أجزائه، ولعلك تتسائل من أين يعلم أنه توجد هذه الحكمة في حركات الذرات؟
فنقول: أولاً؛ تعلم من حكمة الصانع الثابتة بنظام الكون البديع حيث إن الحكمة التي تنيط بجزئي واحد كليات الحكم لا يمكن أن تترك هذه الذرات الجوالة التي هي أكثر نشاطاً في هذا الكون السيال من غيرها والتي هي مدار النقش والفن لا يمكن أن تتركها سدى.
وأيضاً، إن حكمة الله تعالى لما لم تهمل أي مخلوق يؤدي وظيفته مهما كان صغيراً تافهاً حيث تؤدي أجرته وما يستحقه لا يمكن أن تهمل هذه العمال والخدم من النور ومن الآجرة.
ثانياً؛ يتبين بوضوح وجلاء أن حركات الذرات ليست صدفاً تكون كيفما اتفقت، وإنما تجول وتتنقل حتى تنال درجة من الكمال اللائق بها بشهادة أنه تعالى طور العناصر ورفعها إلى مستوى أعلى، فجعلها معادن لها نوع من العبادة الفطرية وطور المعادن فجعلها نباتات لها نوع من الحياة وجعلها رزقاً فانتقل بها إلى درجة الحيوانات ثم بعد ذلك انتقل