وهذه الآية التي تجلى فيها الاسم الأعظم، والتي ترجع معانيها إلى الحقائق الإلهية تحتوي على مفاهيم سامية هي في أعلى المقامات، وتبحث عن تصرفات الربوبية.. وبعد ذكر تدبير الألوهية الموجه لكافة السموات والأرض، والحفظ المطلق بكل معانيه يلخص جهة الوحدة ويأتي بمنابع تلك التجليات العظيمة بقوله: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ (البقرة: 255)
ومن أمثلته أيضاً قوله تعالى: ﴿اَللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمٰوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِىَ فِى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ، وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَيْنَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ (ابراهيم: 32-34) تفيد هذه الآيات بأن الله تعالى خلق هذا الكون العظيم على طراز قصير، وأنزل من السماء ماء ليحيي به الأرض، وجعل الأرض والسماء كعاملين يعملان في حقل الكون حتى يهيئا الأرزاق للإنسان.. ومنحه الفرصة حتى يستفيد من مختلف الثمار الموجودة في سائر أنحاء المعمورة.. وسخر له الفلك حتى يتبادل الأفراد والجماعات فيما بينهم ما عملته أيديهم. أي جعل للبحر والريح والشجر أوضاعاً خاصة، فجعل الريح كأنه سوط، والسفينة كأنها فرس، والبحر كأنه صحراء تحت رجله، وجعل بين الأمم والملل مناسبات واتفاقيات بواسطة الفلك.. وجعل الأنهار كأنها وسائط فطرية للإنسان. وجرى بالشمس والقمر وجعلهما كملاحي السفينة يديران دولاب الكون.. وسخرهما له حتى يأتيا بالفصول والنعم المختلفة.. وسخر الليل والنهار أي جعل الليل لباساً والنهار معاشاً يتجر فيه