المثال الأول: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ (الإخلاص: 3-4) حظ طبقة العوام التي تشكل الأكثرية المطلقة هو: أن الله تعالى منـزه عن كونه والداً وولداً ومنـزه عن الأنداد والزوجة. وحظ الطبقة المتوسطة هو نفي ألوهية عيسى -عليه السلام- والملائكة وكل ما هو قابل للتولد. فان نفي ما هو محال لا فائدة فيه بحسب الظاهر. وعلى القاعدة المقررة في البلاغة لا بد أن يكون المراد حينئذ ما هو لازم الحكم. فالمراد من نفي الولد والوالد الذين هما من الأجسام، هو نفي ألوهية ما هو ولد أو والد أو له كفو. وبيان أنه لا يحق لهم أن يكونوا آلهة. ولهذا السر تفيد سورة الإخلاص كل أحد في كل زمان.
وحظ طبقة أكثر تقدما هو: أن الله تعالى منـزه من جميع الروابط التي فيها رائحة التوليد والتولد، مبرأ من الشريك والمعين والمثيل. وإنما علاقته بالموجودات هو الخالقية فقط. فهو يبدع حسب إرادته الأزلية واختياره بأمر ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ ومقدس عما ينافي الكمال من الإيجاب والاضطرار والصدور الغير الاختياري.
وحظ طبقة أعلى وأسمى من الطبقات السالفة هو: أن الله تعالى أزلي وأبدي، وهو الأول والآخر. ولا نظير ولا كفو له في ذاته، ولا في صفاته وفي أفعاله. إلا أنه في أفعاله وشؤنه ما يفيد التشبيه من المثل قال الله تعالى: ﴿وَللهِ الْمَثَلُ اْلأَعْلَى﴾ ولك أن تقيس على هذه الطبقات أمثال طبقات العارفين والعاشقين والصديقين من ذوي الحظوظ المختلفة الإدراك.
المثال الثاني: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ اَبَا اَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ (الأحزاب: 40) حظ الطبقة الأولى هو أن زيدا خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي كان مخاطباً بقوله له: «يا ولدي» طلق زوجته العزيزة بعد أن