﴿وَقُلِ الْحَمْدُ ِللهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾ (النمل: 93) ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ﴾ (الملك: 29) ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ (النور: 55) فالإخبار عن الاستقبال من غير تردّد، وبكل وثوق واطمئنان على لسان هذا الرجل الذي تعرض لكثير من نقد النقاد واعتراض المعترضين، والذي كان سيخسر في صفقته لو بان له أي خطأ فيما قال ليدلّ دلالة واضحة على أنه -أي ذلك الرجل- يتلقى دروسه من أستاذه الأزلي، ثم يقول للناس.
القبس الثالث: الغيبيات التي أخبر بها عن الحقائق الإلۤهية والحقائق الكونية والأمور الأخروية. نعم، ممارسة القرآن للحقائق الإلۤهية، وحله طلسم الكون وفتحه لغز الخلقة لهي أهم الغيبيات. فإن سلوك سبيل الحقائق الغيبية من بين سبل الضلالة التي لا عدّ لها لا يمكن أن يكون من شأن عقل البشر، حيث من البديهي أنه لا يمكن لعباقرة الحكماء أن يدركوا بعقولهم أبسط تلك الحقائق. وبعد ما بين القرآن تلك الحقائق الإلۤهية والحقائق الكونية اضطرت عقول البشر بعد صفاء القلب، وتزكية النفس، وترقي الروح، وتكمل العقل لأن تقول: «صدقت، بارك الله فيك» وتقبل تلك الحقائق.
وقد مرت بنا نبذة من هذا النوع في (المقالة الحادية عشرة) فلا حاجة لنا إلى التكرار. وعقل البشر وإن لم يدرك أحوال الآخرة والبرزخ ولا يراها إلا أن القرآن يثبتها بحيث تصل إلى درجة تشبه الرؤية. وقد بينا مدى صدق الغيبيات في المقالة العاشرة، فليرجع اليها.