Kitaplar
رسالة المعجزات القرآنية

 حتى إن احداً منهم حينما قرأ آية: ﴿سَبَّحَ ِللهِ مَا فِي السَّمِوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ (الحديد: 1) قال: إني لم أدرك بلاغة هذه الآية الخارقة التي تقولونها. فقيل له: عد نفسك أيضاً كهذا السائح في عصر الجاهلية قبل نزول القرآن، واستمع إلى هذه الآية من هناك. فرأى حينما فرض نفسه في ذلك الزمان أن الموجودات كلها في ظلمة متكاثفة، ورآها جامدة خالية من الشعور والحس معطلة، رآها كذلك في الفضاء المطلق وفي هذه الدنيا الفانية، ليس لها هدوء ولا استقرار. وحينما استمع إلى هذه الآية من لسان القرآن الحكيم رأى أنها فتحت الحجاب عن وجه هذه الكائنات وأزالت النقاب عن وجه الدنيا وأضائت الكون. وصار الخطاب الأزلي والسرمدي يدرس ذوي الحس والشعور الذين اصطفوا وراء العصور ويرشدهم. ورأى هذا الكون بمثابة جامع كبير، والموجودات كلها وفي مقدمتها الأرض والسموات تذكر الله وتسبحه وهي حية، وتهتز طرباً وحبوراً فأدرك بعد ذلك درجة بلاغة هذه الآية، وقاس عليها سائر الآيات، وعلم سبب تأثر نصف الأرض وخمس نوع البشر بهذا البلاغة البارعة وحكمة دوام حاكمية القرآن بكل احترام وتبجيل مدة أربعة عشر قرناً من الزمن.

النقطة الرابعة: إن القرآن الحكيم يعطي حلاوة ولذة فإن أحلى شيء يتصور، إذا كرر لابد وأن يعقبه السآمة والضجر. ولكن القرآن بعكس هذا يزداد بكثرة التلاوة حلاوة ولذة، كما هو مسلم عند كل أحد منذ قديم الزمان إلا من فسد قلبه وذوقه. وقد صار في ذلك مثلاً من الأمثال ولا زال كما كان يحتفظ بطراوته وشبابه وبداعة أسلوبه منذ أربعة عشر قرناً من الزمن مع كل ابتذال وسهولة حصوله لكل أحد ولا تزال طراوته كما كانت كأنه الآن نزل وكأنه يتكلم مع كل عصر وشاب في كل قرن وإن كان كل طائفة من طوائف أهل العلم وإن أوجدته لديها كثيراً وكثيراً بغية الاستفادة منه واتباع أسلوبه. ولكنه ظل أسلوبه وغرابة بيانه كما كان. 

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110111112113114115116117118119120121122123124125
Fihrist
Lügat