الوادي فانطلق رسول الله r إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال: «انقادي» فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده، وفعل بالأخرى مثل ذلك حتى إذا كان بالمنصف بينهما قال: «التئما علي بإذن الله» فالتأمتا فجلس خلفهما، وبعد ما قضى حاجته أمر أن يعود كل منهما إلى مكانها.[1]
وفي رواية أخرى فقال: «يا جابر قل لهذه الشجرة يقول لك رسول الله الحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما» ففعلت فرجعت حتى لحقت بصاحبتها فجلس خلفهما، فخرجت أحضر وجلست أحدث نفسي فالتفت؛ فإذا رسول الله r مقبلاً فقال برأسه هكذا يميناً وشمالاً ورجعت كل منهما إلى مكانها.[2]
المثال الرابع: يقول أحد قواد رسول الله r وخادمه أسامة بن زيد كنا في سفر مع رسول الله r ولم يكن لقضاء الحاجة مكان خال يستر عن أعين الناس فقال: «هل ترى من نخل أو حجارة» فقلت: نعم، قال: «انطلق وقل لهن: إن رسول الله r يأمركن أن تأتين لمخرج رسول الله r وقل للحجارة مثل ذلك» فقلت ذلك لهن.. فوالذي بعثه بالحق لقد رأيت النخلات يتقاربن حتى اجتمعن والحجارة يتعاقدن حتى صرن ركاماً، فلما قضى حاجته قال لي: «قل لهن يفترقن» فوالذي نفسي بيده لرأيتهن والحجارة يفترقن حتى عدن مواضعهن.[3]
وقد روى هاتين الحادثتين يعلي بن مرة وغيلان بن سلمة الثقفي وابن مسعود في غزوة حنين نفس الحادثتين اللتين رواهما جابر وأسامة.
_____________[1] - صحيح مسلم، زهد: 74 ، علي القارئ، شرح الشفاء: 1/616[2] - الدارمي، مقدمة: 4 ، الهيثمي، مجمع الزوائد: 9/7 ، علي القارئ، شرح الشفاء: 1/617[3] - البيهقي، دلائل النبوة: 6/25 ، العسقلاني، المطالب العالية: 4/9-10