فوراء هذه الرواية هؤلاء جميعاً، فسكوت هؤلاء تصديق لها. فلا تقل هو خبر آحاد وتمضي في سبيلك، ومثل هذه الأحاديث وإن كانت خبر آحاد تطمئن القلب وهي بمثابة التواتر المعنوي.

المثال الرابع عشر: تروي الكتب الصحيحة وفي مقدمتها البخاري ومسلم أنه توفي والد جابر t وكانت عليه ديون كثيرة لليهود. وكان قد بذل لغرماء أبيه أصل ماله، فلم يقبلوه فجائه النبي r بعد ان أمر بجذّها وجعلها بيادر وامتثلوا ما أمر به فمشى فيها ودعا، فأعطى منه جابر ديون جميع غرماء أبيه وفضل ما كانوا يجدون كل سنة، وفي رواية مثل ما أعطاهم. قال وكان الغرماء يهودا فعجبوا من ذلك.[1]

فمعجزة البركة الباهرة هذه ليست برواية يرويها جابر وأمثاله فقط وإنما هي متواترة معنى يرويها هؤلاء الرواة ممثلين لكل من تتعلق به هذه الرواية.

المثال الخامس عشر:يروي المحققون وفي مقدمتهم الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة t أنه قال: أصاب الجيش مخمصة في إحدى الغزوات وفي رواية في غزوة تبوك، فقال النبي r: «هل من شيء؛؟ فقلت: في الوعاء شيء قليل من التمر، وفي رواية: خمسة عشر تمرة. فقال: «ائت بها»! فأتيتها فأدخل يده في الوعاء، فأخذ قبضة من تمر ووضعها في قصعة ودعا بالبركة. ثم نادى الجيش عشرة عشرة فأكلوا جميعاً. ثم قال: «خذ ما جئت به واقبض عليه ولا تكبه» فأخذته وأدخلت يدي فيه فإذا هو كما كان. وبعد ذلك أكلت من ذلك التمر طوال حياة النبي r وحياة أبي بكر وعمر وعثمان (رض

________________

[1]  - صحيح البخاري، وصايا: 36 ، بيوع: 51 ، النسائي، وصايا: 3-4، المسند: