ويكون معناه أنه يهتم بجندي واحد ويجهزه بما يلزم من الأسلحة والعتاد، ولا يهتم بالجيوش الجرارة الموالية له. ويرى الذرة ولكنه لا يرى الشمس، ويسمع صوت البعوضة ولا يسمع صوت الرعد؟ تعالى الله عن ذلك.
وهل يقبل العقل أن يفني القدير الحكيم -الذي لا نهاية لرحمته ومحبته ورأفته والذي يحب صنعته، ومن يحبه ويحبب نفسه إليه- هذه الحياة التي يحبها كثيراً، والتي هي محبوبة في واقع الأمر، ويفني الروح التي هي حياة الحياة وجوهرها، ويسبب جفوة بينه وبين ذلك المحبوب بصورة مستمرة ويؤلمها، ويصير بذلك لا يعرف سر الرحمة والمحبة؟ تعالى الله عن ذلك.
كما إنه يتعالى هذا الجمال المطلق الذي زين الكون وهذه الرحمة المطلقة التي تسر عامة الخلق عن هذا القبح والقساوة اللتين لا آخر لهما.
وخلاصة القول: إن الحياة موجودة، وإن من يفهم سرها، ويضعها في موضعها، لابد وأن يكون مظهراً لحياة باقية في دار باقية وجنة خالدة. آمنا وصدقنا!
وأيضاً، كما إن تلألؤ هذه الأشياء الشفافة التي هي على سطح الأرض بانعكاسات الشمس ولمعان الفقعات التي هي على وجه البحر وانطفائها بزوال تلك الفقاعات التي يعقبها، يدل بالبداهة على أنها كلها انعكاسات شمس واحدة وتخبر عن وجودها بمختلف الألسنة وتشير إليها بأصابع الضياء، فكذلك انتعاش ذوي الحياة على وجه البر وفي قعر البحر بتجلي الاسم الأعظم (المحيي) واختفائها وراء الغيب قائلة: (يا حي) حتى تخلف مكانها ما يعقبها من القادمين الجدد: يدل على حياة سرمدية للحي القيوم ووجوب وجوده. وكذلك الدلائل التي ترى آثارها في نظام
