Kitaplar
رسالة مبحث الحشر

 وأيضاً لو لم تكن الحياة الأبدية، لانقلب هذا العقل الذي هو نعمة قيمة بتصوره آلام الماضي ومخاوف المستقبل، بلية يعذب صاحبه، ويخلط مسرة واحدة بتسعة مأسى، وهذا باطل لا محالة.

فتستلزم هذه الحياة الإيمان باليوم الآخر لا سيما في فصل الربيع حيث تأتي أمام أعيننا بما ينوف على ثلاثمائة ألف أنموذج للحشر.

فهل يمكن أن يهيء المتصرف القدير ما لابد منه لمعاشك وضرورات حياتك بحكمة وعناية ورحمة، ويأتي به في الوقت المناسب ويعرف دعاء معدتك الذي تدعوه به من طلب الغذاء والقوت، ويعرف ذلك الدعاء الجزئي، ويبيّن أنه يقبل هذا الدعاء بما يأتي به من مختلف الأطعمة اللذيذة التي لا تعد ولا تحصى، فيرضي بذلك المعدة.

ثم بعد ذلك يهملك ولا ينظر إليك ولا يقدم أسباب الحياة الأبدية التي هي أكبر أمنية للإنسان وأن يرد أكبر وأهم وأشمل دعاء يدعو به، وهو دعاء البقاء والخلود، ولا يقبله بإنشاء الحياة الآخرة والجنة. وأن لا يسمع دعاء أشرف مخلوق في الكون ودعاء سلطان الأرض وثمرتها ذلك الدعاء القوي الذي يهز العرش والفرش، وأن لا يوليه تلك الأهمية الصغيرة التي أولاها للمعدة ويرضيه، وأن يجعل حكمته التامة ورحمته الشاملة معروضة للإنكار؟ تعالى الله عن ذلك.

وهل يمكن أن يسمع أخفى صوت للحياة وشكواها، وأن يقدم لها العلاج وأن يقاسي دلالها، وأن يربيها بعناية تامة واهتمام بالغ، وأن يسخر لها أكبر ما خلق في الكون، ثم بعد ذلك لا يسمع أكبر وأكرم صوت للحياة ذلك الصوت الذي يشبه الرعد صوت أمنية البقاء، وأن لا ينظر إلى دعاء البقاء وتضرعه لأجله، ذلك الدعاء الذي له أهمية كبرى 

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109
Fihrist
Lügat