Kitaplar
رسالة مبحث الحشر

 وحكمته إلا أنها مختلفة صورة وكيفية. وسيرى أيضاً في تلك المنازل المؤقتة، وتلك الميادين الغير المستمرة، والمعارض المعروضة للزوال، حكمة باهرة نظمها، وعناية ظاهرة إشاراتها، وعدالة ساطعة أماراتها، ورحمة واسعة ثمارها. وسيعلم علما يقيناً بانه لا أكمل من تلك الحكمة، ولا أجل من تلك العناية، ولا أجمل من تلك العدالة الظاهرة آثارها، ولا يتصور أن يكون أشمل من تلك الرحمة التي يتراءى ثمارها. ولو فرضنا أنه ليس لهذا السلطان الذي يدير هذه الأعمال ويبدل المساكن والسكان في مملكته، غرف خالدة، وأمكنة عالية، ورتب مستمرة، ومواطنون باقون ومرفهون.. للزم جحود حقيقية هذه العناصر المعنوية المترامية الأطراف الحكمة والعدالة والعناية والرحمة التي هي بمثابة العناصر المادية وهي الضياء والهواء والماء والتراب لأنه من البديهي أن هذه الدنيا الغير المستقرة بما فيها ليست مظهراً حقيقياً لهذه العناصر.. فلو لم يكن مظهر حقيقي لها في دار غير هذه الدار.. للزم نفي هذه الحكمة التي هي أمام أعيننا، والتي هي أشبه بالشمس الظاهرة لنا عيانا التي تملأ النهار بضيائها، وهذه العناية التي نراها في كل وقت في انفسنا وفي كثير من الأشياء، وهذه العدالة[1]التي تتراءى أماراتها بكل قوة وحزم، وهذه الرحمة التي

________________________________

[1] - نعم، ان العدالة قسمان: احدهما مثبت، والآخر منفي. فالمثبت هو اعطاء كل ذي حق حقه. وهو يشمل كل ما هو كائن في الدنيا بالبداهة. فان الحق جل وعلا يعطي كل شيء ما يطلبه بلسان استعداده واحتياجه الفطري واضطراره من وجود ولوازم حياته وحقوقه بموازين معينة كما هو مشاهد. فهذا القسم من العدالة موجود لا ريب فيه كما لا ريب في الوجود والحياة.

والمنفي هو تأديب المبطلين. أي إعطاء المبطلين حقهم بالتعذيب والجزاء. وهذا القسم وان لم يجر كله في الدنيا إلا أنه يؤذن بوجود هذه الحقيقة كثير من الاشارات والعلامات. منها صفعة التأديب والتعذيب التي نزلت بكثير من الآقوام من عاد وثمود الى الأقوام المتمردة في زماننا هذا. ويفيد ذلك بحدس قطعي ان هناك عدالة سامية تسود. 

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109
Fihrist
Lügat