Kitaplar
رسالة مبحث الحشر

 نعم، هل يمكن بجعلها هكذا على خلاف الواقع أن يجعل نفسه متصفا بأضداد هذه الأوصاف الحقيقية، أوصاف الحكيم الكريم العادل الرحيم، ويكذب حقيقة هذا الكون التي تدل على حكمته وكرمه وعدله ورحمته، ويرد شهادتها ويبطل دلالتها؟

وهل يقبل العقل بأن يحمّل راس الإنسان وحواسه وظائف عدد شعرات رأسه، ولا يمنحه إلا أجرة أشبه بشعرة واحدة من تلك الشعرات ويفعل شيئاً لا مغزى له، شيئاً منافياً للعدالة والحكمة الحقيقيتين كما أنه لا يقبل أن ينوط بكل ذي روح بل وكل عضو وكل مصنوع حكماً ومصالح عدد النتائج والثمار التي ناطها بالشجرة، ويبرهن بذلك على انه الحكيم المطلق.. ثم بعد ذلك لا يمنح البقاء والخلود؟ لا يمنح السعادة الأبدية التي هي أعظم الحكم وأهم المصالح والنتائج، والتي تجعل الحكمة حكمة، والنعمة نعمة، والرحمة رحمة، والتي هي مصدر الحكم والنعم والرحمة وغاياتها، فتكون بذلك جميع أعماله لهواً ولعباً، فيضع نفسه بمنـزلة من يبني قصرا فيزين كل حجر من أحجاره بأسلوب بديع غريب، ويوجد في كل غرفة من غرفه كثيراً من الآلات والأثاث القيم.. ثم بعد ذلك لا يجعل له سقفا، فيبلى كل شيء ويفسد.. تعالى الله عن ذلك.. -لا يمكنه هذا- فإن الخير المطلق والجمال المطلق هما مصدر الخير والجمال ولا يصدر ما لا مغزي له من الحكيم المطلق.

نعم، كل من يركب جناح التاريخ ويذهب نحو الماضي فسيرى أنه قد مات عدد السنين قصور وساحات ومعارض وعوالم تشبه هذه القصور والميادين والمعارض التي نراها في عصرنا هذا. وهي وإن كانت يشبه بعضها بعضاً في انتظامها وغرائبها، وفي إبراز قدرة الصانع وحكمته 

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109
Fihrist
Lügat