ويستجيب مطالبها ويرحمها.. ويستجيب تلك المطالب بكل معاني الحكمة والرحمة بحيث لا يبقي مجالاً للشك «في ان هذه التربية والتدوير من خصائص السميع لكل شيء، البصير بكل شيء».
ماذا يقول هذا الذي اصطف ورائه بنو آدم ووقف بهم على هذه الأرض ورفع يديه متوجها نحو العرش الأعظم داعياً أثناء العبودية المحمدية عليه الصلاة والسلام بلب عبودية البشر؟. ماذا يقول هذا الذي هو شرف نوع الإنسان وفريد الكون والزمان الذي هو فخر الكائنات!. فلنستمع إلى ما يقول، فهو يطلب لنفسه ولأمته السعادة والبقاء والجنة. وهو كما ترون يطلب السعادة والبقاء.. كما تطلب ذلك الأسماء القدسية الآلهية التي يرى جمالها في مرآت الموجودات ويستشفع بها. ولو لم يكن ما لا يتناهي من الأسباب المقتضية لوجود الآخرة سوى دعاء هذا الرسول الأكرم، لكان وحده كافياً في سبب تكوين الآخرة التي تتساوى[1] هي والربيع لدى قدرة الخالق الرحيم.
نعم، الذي يحشر في فصل الربيع ما ينوف على مائة ألف من أنواع النباتات كيف يكون خلق الجنة عليه عسيراً. وكما أن رسالته سبّبت تكوّن دار الحياة الدنيا -دار الامتحان- كما يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «لولاك لولاك لما خلقت الأفلاك» كذلك عبوديته سببت تكوّن الحياة الأخرى.
____________________________________________________________
1- نعم، ان ابداء نماذج الصنعة الخارقة التي لا تعد ولا تحصى على وجه الأرض التي هي بمثابة صحيفة صغيرة بالنسبة إلى عالم الأخرة وارادة امثلة الحشر والقيامة وكتابة ثلثمأة ألف نوع من المصنوعات الموزونة المنتظمة في صحيفة واحدة ودرجها فيها بهذا النظام البديع اصعب من تشييد بناء الجنة اللطيف المنتظم في عالم الآخرة الواسع. نعم كما ان الجنة أعلى من الربيع.. كذلك ان خلق رياض الربيع اصعب من خلق الجنة وابعث على الحيرة.