Kitaplar
رسالة مبحث الحشر

 وتاريخ حياتها في بذورها ونواياها، فتنبت في ربيع آخر وفي أرض أخرى. فكما تذكر بلسان الأشكال والصور التي كشفت عنها بأسلوب فصيح أعمال الأمهات وأحوالها، كذلك تنشر صحائف أعمالها بأغصانها وفروعها وأوراقها وزهورها وثمارها. فالذي يفعل هذه الأشياء بمرئ منا بكل معاني الحكمة والحفظ والتدبير والتربية والنـزاهة، هو الذي يقول: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ وقس على هذا غيرها من النقط. واستنبط منها إن كان لك قوة.

وأقول هذ الكلام أيضاً حتى يكون لك عوناً: ﴿وَإِذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ يشير هذا الكلام بلفظ (التكوير) وما يفيده من معنى اللف والجمع إلى مثالين:

الأول: نعم، إن الله بسط حجاب العدم والأثير والسماء، وأخرج من خزائن رحمته جوهرة هذه الشمس التي تضيء العالم، فعرضها على الدنيا وبعد ما يغلق باب الدنيا، سيلف تلك الجوهرة ويرفعها.

 الثاني: إن هذه الشمس مأمورة إلهية أوكل إليها أن تنشر في معرض الدنيا متاع النور، وتلف على رأسها الضياء مناوبة مع الظلمة. وحينما يجنّ الليل تجمع تلك المأمورة متاعها وتستتر. وأحياناً بما يعرض عليها من حجب الغيوم يقل بيعها. وأحياناً يصير القمر نقاباً يستر وجهها فيقل بيعها. فكما تجمع متاعها وتطوي دفاتر بيعها وشرائها، فلابد من أن يجيء يوم تعفى وتنفصل من وظيفتها بتاتاً.

حتى إنه لو لم يكن أي سبب لإعفائها، لكان تضخم تلك النقطتين الصغيرتين اللتين هما في وجه الشمس عاملاً لأن تسترجع هذا النور الذي تلفه على رأس الأرض بإذن الله تعالى، فتلفه على رأسها. ثم بعد ذلك يقول لها رب العزة: «اذهبي من هنا، فلم بيق لك في الدنيا أي عمل

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109
Fihrist
Lügat