Kitaplar
ذوالفقار

 وتغيرها وإن كان بطيئاً -كالميل الذي يعد أيام الأسبوع- إلا أنه يدل على أنها لا محالة مؤقتة زائلة، وذاهبة نحو العدم. فالدنيا من حيث إنها دنيا قد طبعت على هذه الأركان السبعة التي تهزها وتزلزلها إلا أن تغيرات هذه الدنيا المتزلزلة من حيث إنها تنظر إلى صانعها، وحركاتها إن هي إلا حركات قلم القدرة الذي يكتب المكتوبات الصمدانية، ومرايا تعكس شؤون الأسماء الإلهية في شتى مظاهرها. فالدنيا من حيث نفسها ذاهبة نحو الفناء وتعدو إلى الموت وهي لا تزال تهتز وتتزلزل. وهي وإن تجمدت صورة بالغفلة وتكاثفت وتكدرت بالإيمان بالطبيعة وصارت حجاباً أمام الآخرة، إلا أنها في واقع الأمر سيالة تجري جري الماء. فهذا الفلسفة السقيمة وتدقيقاتها، والعلوم الطبيعية وملاعب المدنية السفيهة الجاذبة وأهوائها قد زادت في جمود هذه الدنيا وكثافة غفلتها وضاعفت في كدورتها، وجرت ذيل النسيان على الصانع والآخرة. ولكن القرآن الحكيم تندف بالدنيا من حيث إنها دنيا وترميها كالحلاج الذي يحلج القطن ويندفه. تندفها بهذه الآيات: ﴿الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ﴾ (القارعة: 1-2) ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ (الواقعة: 1) ﴿وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ﴾ (الطور: 1-2) وتمنح أمثال هذه الآيات: ﴿أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ (الأعراف: 185) ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا﴾ (ق: 6) ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَاْلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً﴾ (الأنبياء: 30) للدنيا شفافيتها وتزيل كدوراتها. وتنصهر بمثل هذه الآيات النيرة: ﴿اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ (النور: 35) ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾ (الأنعام: 32) الدنيا الجامدة، وتفتت بأمثال هذه الآيات: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ (التكوير: 1) و﴿إِذَا السَّمَاء انْفَطَرَتْ﴾ (الانفطار: 1) و﴿إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ﴾ (الانشقاق: 1) ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ﴾ (الزمر: 68) أوهام بقاء الدنيا وخلودها. وتبدد بصيحة أمثال هذه الآيات التي هي أشبه بصيحة الرعد: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (الحديد: 4) ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (النمل: 93) الغفلة التي نتج منها الإيمان بالطبيعة.

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110111112113114115116117118119120121122123124125126127128129130131132133134135136137138139140141142143144145146147148149150151152153154155156157158159160161162163164165166167168169170171172173174175176177178179180181182183184185186187188189190191192193194195196197198199200201202203204205206207208209210211212213214215216217218219220221222223224225226227228229230231232233234235236237238239240241242243244245246247248249250251252253254255256257258259260261262263264265266267268269270271272273274275276277278279280281282283284285286287288289290291292293294295296297298299300301302303304305306307308309310311312313314315316317318319320321322323324325326327328329330331332333334335336337338339340341342343344345346347348349350351352353354355356357358359360361362363364365366367368369370371
Fihrist
Lügat