المسألة الرابعة: إن القرآن الحكيم ينهي عن عبادة الأصنام ونحتها، كما ينهي عن عبادة الصور التي هي نوع تقليد لها وعن تصويرها. والمدنية تعد الصور من محاسنها ومآثرها الحميدة وتعارض بها القرآن. ولكن الحقيقة أن الصور سواء كان لها ظل أم لا، نتيجة إما لظلم متحجر أو رياء متجسد أو هواء متجسم. تسوق الناس إلى الظلم والرياء والأهواء النفسية وتغريهم عليها.
وإن القرآن يأمر النساء بأن تحتجب بالحجاب حتى تحافظ على شرفها وكرامتها، ولا تقاسي الذل والهوان تحت أقدام الأهواء والنَزعات الطائشة، وحتى لا تكون متعة للهوى ومتاعاً مبتذلاً ليس له أية قيمة. يأمرهن بالحجاب رحمة بهن وهن مصدر الشفقة والرحمة.
أما المدنية فقد أخرجت النساء من وكرها ومزقت حجابها، وأدت بالبشرية إلى أن جن جنونها.. إن الحياة الزوجية إنما تدوم بالاحترام والحب المتبادل بين الزوج والزوجة، والسفور يخل بذلك الاحترام والحب، ويسمم الحياة الزوجية. لا سيما أن الصور قد نالت من الأخلاق وأفسدتها، وسببت في سقوط الأرواح وتسفلها. إذ كما إن النظر بشهوة إلى جسد امرأة جميلة ماتت، وهي في أشد الحاجة إلى الرحمة والشفقة يفسد الأخلاق ويعبث بها.. كذلك إن النظر-بشهوة إلى صور النساء- حية كانت أو ميتة تلك الصور التي تشبه الجنائز الصغائر يفسد الأخلاق ويعبث بالأحاسيس العالية.
___________________________________________________________
[1] - هذه قطعة مأخوذة من لائحة تمييز الدفاع وهي التي القيت في المحكمة وأسكتتها وأصبحت حاشية لهذا المقام. وقد قلت لمحكمة العدل: مادام هناك عدل يسود على وجه البسيطة فلابد أن يرد وينقض قراراً باطلاً يحكم على رجل فسر اقدس وأحق دستور الهي يحكم الحياة الاجتماعية لثلثمائة وخمسين مليوناً من الناس في كل عصر خلال الف وثلثمائة وخمسين عاماً. وذلك بالاستناد الى اتفاق وتصديق ثلثمائة وخمسين ألفاً من التفاسير والاقتداء بالعقائد التي اعتنقها اجدادنا الغابرون منذ الف وثلثمائة وخمسين سنةً.