فمن مئات نتائج الإيمان بالحشر هذه النتيجة التي تعود إلى الحياة الاجتماعية وتتعلق بها. ولهذه النتيجة مئات الفوائد، منها هذه الأربعة المذكورة آنفاً. واذاما قيس سائر الفوائد عليها، لعلم بأن وقوع حقيقة الحشر أمر لا ريب، كما لا ريب في وجود حقيقة الانسان السامية وحاجته المطلقة. حتى إن وقوع حقيقة الحشر أكثر تبارزاً ووضوحاً من وضوح دلالة وجود حاجة المعدة على وجود الطعام والغذاء.
وإذا فقدت نتائج حقيقة الحشر مكانها في الإنسان، لعادت ماهيته التي هي ذات أهمية وقيمة عالية، إلى جيفة نجسة مباءة للجراثيم والميكروبات.
وليسمع مني هذه الكلمة علماء الأخلاق والاجتماع والسياسة الذين لهم ارتباط وثيق بشؤن الإدارة والأخلاق والاجتماع، وليقولوا لي: بماذا سيملئون هذا الفراغ، بماذا يداوون هذا الجرح العميق؟.
النقطة الثانية
تبين بإيجاز من بين براهين حقيقة الحشر اللامتناهية هذا البرهان المستنتج من خلاصة الشهادة التي تؤديها سائر الأركان الإيمانية، وذلك:
أن المعجزات المحمدية ودلائل نبوته التي تشهد على رسالته، والبراهين التي تدل على أنه محق في دعواه، تشهد بمجموعتها على حقيقة الحشر وتثبتها. فانه عليه الصلاة والسلام ركز طول حياته التي عاشها بأكثر الدلائل بعد دلائل الوحدانية، لتدل على وجود الحشر وإثباته.. كما تدل معجزات سائر الأنبياء والرسل التي تصدقهم على ذلك، وتشهد على ان الحشر آت بلا ريب.
وأيضاً شهادة كلمة (وكتبه) تؤيّد الشهادة التي تؤديها كلمة (وبرسله) بأسلوب واضح، وذلك أن المعجزات والحجج التي تثبت حقائق القرآن المعجز البيان، تشهد بمجموعتها على وقوع حقيقة الحشر وتثبته. فإن ثلث القرآن بأكمله وكثيراً من أوئل السور القصار آيات دائرة حول الحشر لها دلالتها القوية عليها. وهي ببلوغها آلاف الأرقام، تنبئ عن هذه الحقيقة وتثبتها.
