أخف من الهمزة بدرجة ذكرت الهمزة[1] ثلاث عشرة مرة، والهاء أربع عشرة مرة. ولتآخي (القاف) و(الفاء) و(الكاف) وزيادة الكاف عليهما بنقطة ذكرت القاف عشر مرات، والفاء والكاف تسع مرات. وذكرت (الباء) تسع مرات، و(التاء) اثني عشر مرة بزيادة ثلاث مرات على الباء، لأنها في الدرجة الثالثة حسب ترتيب حروف الهجاء. وأن (الراء) أخت (اللام) إلا أن الراء لكونها حسب حساب الجمل مأتين واللام ثلاثين، أي كانت الراء فوق اللام بست درجات، فانخفضت منه بست درجات. وأيضاً كانت الراء مكررة في اللفظ ثقيلة على اللسان فذكرت ست مرات فقط. ولأن حروف (خ، ح، ت، ض) ثقيلة، وبينها مناسبات، ذكر كل منها دفعة واحدة. ولأن (و) أخف من (الهاء) و(الهمزة) وأثقل من (الياء) و(الألف) ذكرت سبع عشرة مرة فوق الهمزة الثقيلة بأربع درجات. وتحت الألف الخفيفة بأربع درجات أيضاً..

فتبين من ذكر هذه الحروف بهذا الطراز المنتظم الخارق للعادة والمناسبة الخفية والنظام والانسجام الدقيق بوضوح أنه ليس من شأن البشر ولا يمكن له أن يفعله، ولا مجال للتصادف حتى يلعب به، وهذا الانتظام العجيب والنظام الغريب في ترتيب هذه الحروف كما هو مدار للفصاحة والسلاسة اللفظية يمكن أن يكون فيه حكم وإسرار خفية غيرها. وكما روعي في الحروف هذا الانتظام كذلك روعي في كلمات هذه الآية وجملها ومعانيها أسرار منتظمة وانجسام لو رأتها العين لقالت: ما شاء الله! ولو أدركها العقل لقال: بارك الله!

النقطة الخامسة: براعة البيان، أي تفوقه ومتانته. فكما أن نظم القرآن جزيل ولفظه فصيح ومعناه بليغ واسلوبه بديع فكذلك بيانه بارع.

_________________

[1] - الهمزة ملفوظة وغير ملفوظة خمسا وعشرون، وهي اكثر من اختها الالف الساكنة ثلاث مرات، لان الحركات ثلاث.