Kitaplar
ذوالفقار

 .. حتى إذا ما جاء الربيع الثاني ينشر من جديد صحف أعمالها ويحاسبها حساباً يليق وشأنها، ويخلق بأتم نظام وحكمة عالماً ممتداً من الربيع. ويتبين بهذا مدى إحاطة هذا الحفظ وقوة جريانه.

فهل يمكن ان تحفظ هذه الأشياء التافهة التي هي على وشك الزوال، والتي ليست لها أية أهمية.. وتترك اعمال بني البشر التي تعطي ثماراً ذات أهمية في عالم الآخرة وعالم الأرواح وفي الربوبية المطلقة ولا تقيد. لا يمكن هذا بتاتاً.

نعم، يتبين من هذا الحفظ البارز أن صاحب هذه الموجودات يمنح عنايةً تامةً لكل ما يجري في ملكه، ويمعن النظر في شأن حاكميته وفي سلطنة ربوبيته بحيث يكتب ويأمر بكتابة كل ما يجري ولو تافهاً، وكل عمل ولو يسيراً، ويحفظ صورة كل شيء يجري في ملكه في مختلف المرايا.. ويوميء هذا الحفظ إلى أنه ستنشر صحائف الأعمال، لا سيما صحائف أعمال هذا الإنسان العظيم المكرم والمعزّز، صحائف أعماله الكبيرة وأفعاله الهامة وتوزن.

فهل يمكن أن يعزز الإنسان بالخلافة ويكرم بحمل الأمانة وأن يصعد بوصفه شاهداً شؤونات الربوبية المطلقة في سلالم التوحيد، بعد ما كان منغمساً في الكثرة المتشاكسة، وأن يرتبط بتسبيح الموجودات وعباداتهم حتى يصل إلى رتبة المسيطر والمشاهد.. ثم بعد ذلك يدخل القبر وينام في هدوء من غير يقظة إلى الأبد، ولا يسئل عن أعماله لا صغيرها ولا كبيرها، ولا يذهب إلى الحشر ولا يرى المحكمة العليا.. لا يمكن هذا بأي حال.

وأيضاً كيف يمكن أن يذهب الإنسان إلى العدم ويختبي تحت التراب وينجو من قبضة القدير ذي الجلال الذي تدل معجزات قدرته السالفة على انه قادر على جميع الممكنات في الازمنة[1]الآتية. والذي يوجد الشتاء والربيع

__________________________________________________

[1] - إن الزمان من لدن آدم إلى زماننا هذا مملوء بالحوادث، وإن كل يوم كسطر وكل سنة كصحيفة وكل عصر ككتاب كتبه قلم القدرة، وخطت يد القدرة آياته المعجزات بكل حكمة وانتظام. وإن الاستقبال من زماننا هذا إلى يوم القيامة، إلى الجنة، إلى الأبد يمكن أن يقع. أي ان الماضي وقع وان الاستقبال يمكن ان يقع. فلنقابل هاتين السلسلتين، فكما انه لا ريب في ان من خلق امس وما فيه من الموجودات يقدر ان يخلق غدا بما سيكون فيه من الموجودات، فكذلك لا ريب ان موجودات الزمان الماضي معرض الغرائب وخوارقه، معجزات القدير ذي الجلال، تشهد شهادة قاطعة على انه قادر على ان يخلق الاستقبال وممكناته وان يظهر العجائب.

نعم، ان الذي يقدر على خلق تفاحة وحدها، يقدر على خلق نوع التفاح باسره والربيع كله. لان من لايقدر على خلق الربيع لا يقدر على خلق تفاحة، حيث ان تلك التفاحة تنسج في ذلك المصنع. والذي يقدر على خلق تفاحة وحدها يقدر على خلق الربيع.فان التفاحة مثال صغير للشجرة والحديقة حتى للكائنات. وأيضاً ان التفاحة ببذورها صنعة بديعة تتضمن تاريخ حياة الشجرة وصنعتها الخارقة. فالذي يخلقها، لا يعجز عن اي شيء.

         نعم ان الذي يخلق اليوم يقدر على خلق القيامة.. والذي يخلق الربيع يقدر على خلق الحشر.. والذي ناط عوالم الماضي بخيط الزمان بكل حكمة وانتظام، يقدر على ان ينوط عوالم اخرى بخيط الاستقبال.. وسينوط من غير شك.. وقد اثبتنا في كثير من المقالات لا سيما في «المقالة السادسة والعشرين» بان من لا يخلق كل شيء لا يقدر على خلق اي شيء ومن يخلق شيئا واحدا يقدر ان يخلق كل شيء.

         وأيضاً لو احيل ايجاد الأشياء إلى الواحد الاحد لسهل كل الأشياء عليه مثل الشيء الواحد. ولو احيل إلى الأسباب المتعددة والكثرة لأشكل ايجاد الشيء الواحد بمقدار ايجاد الأشياء كلها. ولطرأت صعوبات تصل إلى درجة الامتناع.

 

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110111112113114115116117118119120121122123124125126127128129130131132133134135136137138139140141142143144145146147148149150151152153154155156157158159160161162163164165166167168169170171172173174175176177178179180181182183184185186187188189190191192193194195196197198199200201202203204205206207208209210211212213214215216217218219220221222223224225226227228229230231232233234235236237238239240241242243244245246247248249250251252253254255256257258259260261262263264265266267268269270271272273274275276277278279280281282283284285286287288289290291292293294295296297298299300301302303304305306307308309310311312313314315316317318319320321322323324325326327328329330331332333334335336337338339340341342343344345346347348349350351352353354355356357358359360361362363364365366367368369370371
Fihrist
Lügat