الإشارة الرابعة:
رأينا في القصة وأثبتنا باثني عشر دليلاً، أنه لا يمكن أن تكون للقائد العام دار موقوتة لأجل الضيافة، ثم لا تكون له دار قرار تليق بعظمته وسلطانه دار أخرى باقية، ولا يمكن أيضاً أن يخلق الخالق الباقي -خالق هذا الكون الفاني- أن يخلق كوناً هكذا فانياً، ثم لا يخلق الآخرة تلك الدار الباقية.
ولا يمكن أيضاً لمبدع هذا الكون البديع الذي سينتهي إلى الزوال، أن يخلقه، ثم لا يخلق داراً أخرى ذات قرار خالدة، كما لا يمكن لخالق هذا المعرض وهذه الصالة -صالة الامتحان- وهذه الدنيا التي هي بمثابة مزرعة هذا الخالق الحكيم القدير الرحيم أن يخلق هذا، ثم لا يخلق الدار الآخرة التي ستتجلى فيها الغايات السامية والمقاصد الآلهية.
ويمكن الدخول في هذه الحقيقة من اثني عشر باباً، وفتح أبوابها باثني عشر حقيقة. ونشرع الآن بأقصرها وأسهلها.
الحقيقة الأولى
(هي باب الربوبية والسلطنة وهو من تجليات اسم الرب)
هل يمكن لشأن الربوبية وسلطنة الألوهية أن يبتدع كونا هكذا بديعاً لغايات ومقاصد هامة لإبراز كمالاتها وأوصافها الجمالية، ثم بعد ذلك لا يثيب الذين آمنوا بهذه المقاصد واستقبلوها بالإيمان والعبودية. ولا يعاقب الذين كفروا بهذه المقاصد واستقبلوها بالهزوّ والسخرية؟!.
الحقيقة الثانية
(باب الكرم والرحمة وهي من جلوات اسم الكريم والرحيم)
هل يمكن لرب هذا العالم الذي أبرز آثار كرمه ورحمته وعزته وغيرته اللامتناهية أن لا يجازي بما هو حرى بأوصاف كرمه ورحمته من المكافأة، وبأوصاف عزته وغيرته من التأديب..