وملايين السحرة المهرة لا يمكنهم أن يفعلوا هذا. فاذاً لهذا الحاكم العام الذي لا يتراءى معجزات كثيرة وكبيرة.

فيا أيها السفيه! تقول كيف تدمر هذه الدار العظيمة وتنشأ في مكان آخر؟

فأنت ترى في كل ساعة ما لا يقبله عقلك من انقلابات وتبدلات كثيرة، أشبه ما تكون بتبدل الديار.

وينبئ هذا الاجتماع السريع والتفرق، وتنبئ هذه الأحوال عن مقاصد أخرى تشف من تحتها. لأنه ينفق لأجل اجتماع ساعة من الزمن، ما ينفق مقدار عشر سنين. فيتبين من هذا أن هذه الأحوال والأوضاع ليست مقصودة، وإنما يجاء بها لتكون مثالاً وأنموذجاً. وذلك الحاكم إنما يفعل هذا المعجزة لكي ترسم وتحفظ نتائجها وتكتب. مثلها مثل المناورات العسكرية، حيث يثبت كل شيء يجري فيها ويكتب، حيث إنه سيدور عليها ما سيجري يوم الجمع، وستعرض دوماً كذلك في المعرض الكبير.

ويلاحظ من هذا، أنه ستولد هذه الأحول الغير المستقرة صوراً مستقرة وثماراً خالدة. فالمقصود من هذه الاحتفالات إنما هي السعادة العظمى والمحكمة العليا وغير ذلك من الغايات السامية.

الصورة الحادية عشر:

أيها الصاحب المتمادي في غيّه! تعال، فلنركب طائرة أو قطاراً ذاهباً نحو الشرق أو الغرب، -ذاهباً جناح الماضي أو جناح المستقبل- حتى نرى ما أظهر ذلك الحاكم في بقية الأماكن من الخوارق والمعجزات. تعال، وانظر إلى البدائع والغرائب التي يشبه -كمارأينا قبلها- بعضها القصر، وبعضها الميدان، وبعضها المعرض، وهي في كل ناحية. ولا يشبه صنعة وصورة أي منها الأخرى. لا سيما أمعن النظر في تلك القصور الفانية والميادين الغير الثابتة والمعارض! فإنه يرى فيها النظم الحكيمة، وإشارات العناية الظاهرة، وإمارات العدالة السامية، وثمرات الرحمة الواسعة. فكل من له بصيرة يعلم أنه لا حكمة أكمل من حكمته،