إن مقرّ هذه السلطنة العظيمة التي يتراءى بعض من علائمها في دار أخرى بعيدة عن هذه الدار، وأن هذه الأبنية التي هي في هذه الساحة، ساحة الفحص والامتحان موقوتة. وستتبدل بعد حين بدور خالدة. نعم، ستتبدل هذه الدور لأن هذه السلطنة العظمى الباقية التي تلمح بعض آثارها، لا يمكن أن تستند إلى هذه الأمور الفانية الموقوتة التي ليس لها أي قرار، والتي هي معروضة للزوال. بل لابد من أن تستند إلى أمور تناسب وشأنها، إلى أمور باقية خالدة، ليس لها أي نقصان.

فلابد من دار أخرى، إليها يكون المئاب.

الصورة العاشرة:

تعال معي، هذا اليوم الذي هو يوم عيد السلطنة ([1]) حيث تكون فيه نشاطات كثيرة، وتظهر أشياء بديعة. تعال نذهب معاً، فننظر في هذا اليوم المشرق من أيام الربيع إلى هذه الصحراء الخضراء المزدانة بأنواع الزهور. وإلى هؤلاء المواطنين، فإنهم أيضاً متجهون إلى هذه الناحية. وهناك أشبه ما يكون بالسحر، حيث إن تلك الأبنية دمّرت عن آخرها، وأخذت طابعاً غير طابعها. وهناك أمر خارق للعادة، حيث إن تلك الأبنية المدمرة أعيد بناؤها في زمن يسير جدًّا، وانقلبت هذه الصحراء الخالية مدينة عامرة وهي أشبه بشاشة السينما، تبرز كل ساعة مشهداً جديداً وطابعاً غريباً، وأمعن النظر فيها، حيث إن هذه المشاهد التي تتبدل في سرعة، مع أنها مشتبكة وفيرة لها نظام بعيد عن أي نقص ووضع كل شيء في مكانه اللائق به. حتى إن أفلام السينما التي هي محصول الخيال، لا تدرك شأوها.

___________________

[1]- سترى ما ترمز هذه الصورة في (الحقيقة التاسعة) مثلا: يشير يوم النوروز إلى فصل الربيع.. والصحراء المزهرة الخضراء الى وجه الارض في فصل الربيع. والمقصود من المناظر التي تتبدل هو اصناف الموجودات الربيعية وطوائف المصنوعات الصيفية وارزاق الحيوان والانسان التي يبدلها الصانع القدير ذو الجلال والفاطر الحكيم، ذو الجمال بكل انتظام ويجددها ويرسلها متتالية متعاقبة من اول فصل الربيع الى انتهاء الصيف.