هو أسمى مقاماً واجبه بكل معاني المحو والخوف. فإذا لصاحب هذا البلد فوق ما يتصور من الجود والكرم والرحمة والعزة والغيرة، والكرم يطلب الإنعام، والرحمة تطلب الإحسان، والعزّة والغيرة تطلبان تأنيب المعتدين الغاشمين.
ونحن نرى أنه لا تنفذ هذه القوانين، قوانين الرحمة والغيرة بنسبة واحد في الألف، حيث إن الظالم يبقى في عزه والمظلوم في ذله حتى الموت.
فإذاً تؤخر القضية إلى المحكمة العليا.
الصورة الثالثة:
انظر كيف تجري الأمور بحكمة عالية وفي نظام دقيق. وكيف توزن مقادير الأشياء بميزان القسط والعدالة. ولاشك في أن هذه الحكمة، حكمة القيادة تتطلب أن تعامل بالإحسان الذين لاذوا إلى ظلّها. وتتطلب تلك العدالة ان تحافظ حقوق المواطنين حتى يصان شرفها وغيرتها من الوصم والعار.
ونحن نرى انه لا يجري في هذا البلد ما يساوي الواحد من الألف مما يليق بتلك الحكمة والعدالة. فأكثر أمثالك من الغشاة الظالمين قبل أن يلاقوا جزائهم اللائق بهم، يرتحلون عن هذه الدنيا.
فاذاً لابد من أن يكون قد أخر أمرهم إلى محكمة كبرى.
الصورة الرابعة:
انظر إلى هذه الأشياء القيمة اللامتناهية المعروضة في هذه الأجنحة، وإلى هذه الأطعمة المرصوفة على الموائد التي ليس لها نظير. فهي تحسّ بأن حاكم هذه الأماكن له سخاء لا حد له، وخزائنه مملوءة لا تعد ولا تحسب.. ومما لا شك فيه أن هذا السخاء وهذه الخزائن يتطلبان دار ضيافة خالدة، فيها كل ما يتمنّى ويشتهي.
ويتطلبان كذلك خلود من يتمتعون بهذه الضيافة حتى لا يذوقوا ألم الزوال والفراق. وكما أن زوال الألم لذّة، كذلك زوال النعمة ألم أيضاً.
