الأول:
البلاغة والفصاحة.
الثاني: الشعر والخطابة.
الثالث: الكهانة والإخبار عن الغيب.
الرابع: هو علم وقائع الماضي والمستقبل.
فجاء القرآن الحكيم يتحدى لمن يعلم هذه المعارف الأربعة، فجثى بالبلغاء على الركب واستمعوا إلى القرآن الحكيم بحيرة ودهشة. كما تحيرت الشعراء والخطباء وعضّوا على أصابعهم، فاضطرهم على أن ينـزلوا بالمعلقات السبعة المشهورة أحسن أشعارهم التي كانت كتبت بالذهب وعلقت بحائط الكعبة لتكون مداراً لفخرهم وحطت من قيمتها، كما ضرب على أفواه الكهان والسحرة وأنساهم أخبارهم الغيبية وطردهم إلى جهنم وسدّ باب الكهانة.
وأنقذ الذين هم عارفون بأحوال الأمم الماضية ووقائع الاستقبال عن الخرافات والأكاذيب. فألقى عليهم دروس حوادث الماضي الحقة ووقائع الاستقبال. فهذه الطبقات الأربعة جثت على الركب أمام القرآن بكل حيرة واحترام وتتلمذت له، ولم يمكن لأي أحد منهم أن يتحداه ولو بسورة واحدة من سوره.
فإن قيل: من أين نعلم بأنه لم يتقدم أحد للمعارضة وأنه لا يمكن المعارضة معه؟
الجواب: إنه لو امكنت المعارضة لكان هناك من يتصدى لها حيث كانوا لها في أشد الحاجة بما أن أديانهم وأموالهم وأرواحهم وأهاليهم كانت معروضة للخطر ولو عارضوها لنجوا مما كانوا يعانونه. فلذلك لو أمكنت المعارضة لأقدموا عليها ولكان من ينحاز إليهم غير قليل من الكفار والمنافقين ولشاع ذلك واشتهر، كما نشروا كل حركة كانت على الإسلام، ولسجل في صفحات التاريخ وفي الكتب بصورة واضحة وها هو التاريخ والكتب بين أيدينا ليس فيها شيء من ذلك سوى بعض الفقرات التي تقولها مسيلمة الكذاب. مع أن القرآن الحكيم استمر في التحدي والمقارعة مدة ثلاث وعشرين ستة.
