السعادة الأبدية، وينقذهم من العدم المطلق، ويبين حكمة الخلقة، ويفتح طلسمها المنعقد، ويعرف مقاصد خالق الكون، ويعرفها ويعرّف الخالق ويعرفه، لابد وأن يعرفه كل شيء وكل نوع وكل طائفة، وأن يحب مجيئه وينتظره ويستقبله ويصفق لقدومه، وأن يعلن قدومه إذا أعلمه سبحانه وتعالى كما رأينا في الإشارات والأمثلة التي مرت بنا. إن كل نوع من الموجودات يستقبله استقبالاً حافلاً ويعلن معجزاته ويصدق نبوته بلسان المعجزة.

الإشارة السابعة عشر

إن أكبر معجزة للنبي r بعد القرآن الحكيم هو ذاته وما اجتمعت فيه من الأخلاق العالية.. وكل من الأصدقاء والأعداء يصدق بأنه r كان في كل خصلة في أعلى أوجها، يقول بطل الشجاعة علي t: كنا إذاما حمى الوطيس نحتمي برسول الله r.[1] وكان متخلقاً بكل الأخلاق الحميدة، شاغلاً أعلى منصبها. ونحيل بيان هذه المعجزة الكبرى إلى كتاب (الشفاء) للعلامة المغربي القاضي عياض (رح) فإنه ولا ريب قد بين معجزة الأخلاق الحميدة بأسلوب عال جميل وأثبتها.

كما أن شريعته الكبرى هي أكبر معجزة أحمدية باتفاق الأصدقاء والأعداء ما جاء مثلها ولن يجيء، ونحيل هذه المعجزة العظمى إلى ما كتبناه من المقالات الثلاثة والثلاثين والمكاتيب الثلاثة والثلاثين وإلى اللمعات الإحدى والثلاثين والشعاعات الثلاثة عشر.

ومن معجزاته r شق القمر الذي ثبت على سبيل التواتر. نعم، قد رويت معجزة شق القمر بطرق كثيرة متواترة عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر والإمام علي وأنس وحذيفة وأمثالهم من أئمة الصحابة كما ثبتت بنص القرآن: ﴿إِقْترَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾(القمر: 1) فأعلنت للناس جميعاً. ولم تنكر آنذاك قريش التي تصرّ في عنادها هذا النبأ، بل قابلته بقولها:

___________________

[1]  - المسند: 1/86 ، الحاكم، المستدرك: 2/143 ، كنز العمال: 12/347