الجزء الثاني:
إن القرآن النازل من العرش الأعظم والاسم الأعظم والمقام الأعظم لكل اسم كلام الله بوصفه رب العالمين. وأمره بوصفه إله الموجودات، وخطابه بوصفه خالق الأرض والسموات، ومكالمته بوصفه الرب المطلق، وخطبته الأزلية بوصفه السلطان العام، ودفتر الالتفاتات الرحمانية النابعة من رحمته الواسعة المحيطة، ومجموعة رسائل في أوائل بعض منها رموز برقيات أبرقتها السلطة العليا لأستاذ بني البشر عليه الصلاة والسلام بوصفه الإله العظيم، وكتاب مقدس نازل من الاسم الأعظم، يراعي ما أحاط به العرش الأعظم ويدرس شؤونهم وينثر عليهم جواهر الحكمة، ولهذا اتصف بعنوان (كلام الله) وسيحافظ على هذا العنوان على مر الزمان.
أما الكتب النازلة على سائر الأنبياء وصحفهم فتأتي في الدرجة الثانية، وأما سائر كلمات الله التي لا تنفد فمنها ما هي مكالمة في صورة الإلهام باعتبار خاص وعنوان جزئي، وبتجل خاص واسم جزئي، وربوبية وسلطنة ورحمة خاصة، وإلهامات البشر والملك والحيوان مختلفة من حيث الخصوص والاطلاق.
الجزء الثالث:
إن القرآن كتاب سماوي حاو خلاصة كتب الأنبياء السالفة المختلفة عصورها، ورسالات الأولياء المختلفة مشاربها، وآثار الأصفياء المختلفة مسالكها، لامعة جهاته الست، بعيد عن كل الأوهام والشبهات، متكل من غير ريب على الوحي والكلام الازلي، جعل من هدفه وغايته السعادة الأبدية، يحتوي كما هو واضح على الهداية النقية، أعلاه نور الإيمان وأسفله الدليل والبرهان ويمينه تسليم القلب والوجدان ويساره تسخير العقل والإذعان وثمرته رحمة الرحمن ودار الجنان ومقامه قبول الإنس والملك والجان.
وما سردته في هذه الأجزاء الثلاثة من الأوصاف ليس هو مجرد دعوى بل هو مدلل بدلائل قطعية، ذكر بعض منها في مواضع متفرقة، وسأذكر بعضاً منها في هذه الرسالة. وهذه الرسالة عبارة عن ثلاث شُعَل:
