مقدمة

نقل كل من أمثلة معجزات البركة الآتية بطرق متعددة، حتى نقل بعض منها بستة عشر طريقاً صحيحاً، وقع أكثرها في حضور جماعة كثيرة ورويت عن رجال لهم منـزلة عالية بين تلك الجماعة، رجال صادقون. مثلاً نقل أنه «أكل سبعون رجلاً من صاع وشبعوا كلهم»[1]وسمع هؤلاء هذا القول ولم يكذبوه، فصدقوه بسكوتهم. وإن أولئك الصحابة ذوو الصدق والجد الذين كانوا يعيشون في عصر الصدق والحقيقة. لو رأوا مقدار ذرة من الكذب لما أمكن لهم أن يقابلوه بالسكوت بل لردوه ولكذبوه. ولكن كثيراً منهم رووا هذه الحوادث والباقون منهم صدقوها بالسكوت، فكل منها قطعي كالمتواتر المعنوي. وكما يشهد التاريخ والسير أن الصحابة (رض) أكبوا اكباباً شديداً بعد حفظ القرآن الحكيم وآياته على أفعاله وأقواله r وأحواله التي تتعلق بالأحكام والمعجزات واعتنوا بصحتها كثيراً ولم يهملوا أية حركة من حركاته ولو صغيرة، ولا سيرته ولا حاله. وتشهد كتب الأحاديث على أنهم لم يهملوها بل قيدوها. فقد كتبوا المعجزات والأحاديث التي تتعلق بالأحكام، لا سيما (العبادلة السبعة) ولا سيما ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص. وخاصة ألوف المحققين من التابعين حيث كتبوا الأحاديث والمعجزات، ونقلها بعدهم الأئمة الأربعة وألوف المحققين والمحدثين وأثبتوها بالكتابة. وبعد مضي مائتي سنة من الهجرة أخذ على عاتقهم وظيفة الحفظ أصحاب الكتب الستة الصحيحة، وفي مقدمتهم البخاري ومسلم. ثم جاء ألوف نقاد الحديث أمثال ابن الجوزي فميزوا الأحاديث الموضوعة التي وضعها الملحدون أو من لا فكر له ولا حفظ، أو الجهلة من الناس. ثم أعقبهم الذين تشرفوا بصحبة النبي r في اليقظة سبعين مرة أمثال العلامة الإمام جلال الدين السيوطي من العلماء المحققين ففرقوا الماس الأحاديث الصحيحة من سائر الكلام والموضوعات. فالأحاديث والمعجزات التي سنبحث عنها انتقلت كذلك بواسطة ما لا يعد

_____________________________________________________________

[1]  - صحيح البخاري، مناقب: 25 ، صحيح مسلم، اشربة: 42 ، الترمذي، مناقب: 6