«اذهبوا إلى البئر الفلانية واتوني بالسحر الذي فعله»[1] فذهبوا وأتوا به. وكان كلما انحلت عقدة وجد بعض الخفة.

وثبت بالنقل الصحيح القطعي أن الرسول الأكرم r قال لجماعة فيها أبو هريرة وحذيفة: «ضرس أحدكم في النار أعظم من أحد»[2] وأخبر عن ردة واحد وعاقبته المدهشة من أولئك الجماعة. وقال أبو هريرة: لم يبق أحد غيري ورجل آخر من تلك الجماعة فخفت على نفسي. ولكن بعد مدة التحق ذلك الرجل في حرب اليمامة بصف مسيلمة الكذاب فقتل مرتدّاً فظهرت حقيقة خبر النبي r.

وثبت بالنقل الصحيح القطعي أن عميراً وصفوان قبل أن يسلما، عزما على قتل النبي مقابل مبلغ هام من المال، وجاء عمير إلى المدينة لينفذ عزمه. فرأى النبي عليه الصلاة والسلام عميراً وناداه، فأتى النبي r فقال: «إن قضيتك وقضية صفوان هي كذا وكذا»[3] ووضع يده الشريفة على صدر عمير، فقال عمير: نعم! وأسلم.

وقد وقع كثير من أمثال هذه الأخبارات الغيبية الصحيحة. وذكرت في الكتب الستة الصحية مع سندها، وإن ما ذكرت في هذه الرسالة من الواقعات أكثرها في حكم التواتر المعنوي قطعية ويقينية. وقد نقلها البخاري ومسلم اللذان هما أصح الكتب الصحيحة بعد القرآن، على ما هو عليه أهل التحقيق. وبينت في سائر الكتب الصحيحة كالترمذي والنسائي وأبي داود ومسند الحاكم ومسند أحمد ابن حنبل ودلائل البيهقي مع سندها.

فيا أيها الملحد الغافل! لا تقل: إن محمداً العربي رجل عاقل وتذهب في سبيلك بزعمك! فإن هذه الأخبارات الأحمدية الصادقة التي تدور حول تلك الأمور الغيبية، لا تخلو من هذين الأمرين: إما أن تقول: إن ذلك الرجل له نظر قاطع ودهاء واسع يرى الماضي والمستقبل، والدنيا كلها، ويعلم كل شيء،

_____________________________________________________________

[1]  - صحيح البخاري، طب: 47 ، بدء الخلق: 11 ، صحيح مسلم، سلام: 43[2]  - صحيح مسلم، جنة: 44 ، الترمذي، جهنم: 3[3]  - البيهقي، دلائل النبوة: 3/147-148 ، الهيثمي، مجمع الزوائد: 8/285-287